إطلالة فهمية شرف الدين
في مساحة تنشر فيها الجمعية نصوص ذات دلالة، اخترنا مقتطفاً من محاضرة حول “الثقافة العربية المعاصرة” لعالمة الاجتماع اللبنانية الدكتورة فهمية شرف الدين، التي شغلت سابقاً منصب الامين العام للجمعية العربية لعلم الاجتماع: ” الايديولوجيا جعلت الثقافة تعادل الهوية وأدت إلى الصراع مع الآخر”إن الربط المحكم الذي يقيمه تايلور بين الثقافة والمجتمع او الذي يقيمه ادوار سعيد بين الثقافي والسياسي, يجب ان لا يموه الاستقلال النسبي للمجال الثقافي.إن مهمة التعريف تواجه صعوبات كثيرة بين الثقافي والسياسي تتصل بالتغيرات التي رافقت عمليات التحديث منذ القرن التاسع عشر والتي ادت الى خلخلة البنى الاجتماعية العربية من دون ان تغيرها..والاسترسال في وصف الاجتهادات المختلفة في موضوع الثقافة ينطلق من رؤية للثقافة ترتكز على مستويين, الاول: مضمر غير عياني, كالمعتقدات والآراء والقيم التي تشكل جوهر الثقافة, والتي تنبني في وعي الافراد والجماعات عن طريق التنشئة الوطنية ونظام القيم الثقافية والمدرسة. والثاني الذي يتجسد في الاشياء والمنتجات والرموز والمعارف التطبيقية التي تجسد هذا المضمون.إن الفصل بين المستويات اجرائي بحت: فليس هناك امكانية لفصل السلوك عن الآراء والمعتقدات, كما ان تجليات التغيرات المختلفة لميادين المعرفة وتطبيقاتها, يؤثر تأثيراً بالغاً على نظام القيم والآراء والمعتقدات. وقد لا يكون ضرورياً ان تكون هذه التطبيقات نتاج مجتمع بعينه. فالنسخة الاخيرة للعولمة لم تعد تقتصر على نقل التقنيات والمعارف, بل حملت معها بقصد او من دون قصد مجموعة من المعايير والقيم الثقافية أثرت تأثيراً بالغاً على المضامين الرمزية للمعتقدات والآراء والقيم في كل المجتمعات.و كيف يتجلى ذلك في الثقافة العربية? وكيف يمكن لهذه الثقافة ان تتحول ثقافة عصرية?واقع الثقافة العربية اليوم: يظهر التاريخ الدلالي لكلمة ثقافة, ان استخدامها بالمعنى الحالي يعود الى القرن الثامن عشر, وقد استخدم آنذاك بمعنى جديد يضع التطور الانساني العام داخل تصور جديد للتاريخ منزوع القداسة, ويمكن اعتبار افكار التقدم التي كان يتضمنها مفهوما الثقافة والحضارة بديلاً عن الرجاء الديني.ترافق الكلام عن الثقافة ودورها في عمليات الفهم والانتقال والتقدم مع ظهور الافكار القائلة بأن الانسان هو مركز الكون وهو مركز التفكير, لكن مفهوم الثقافة في تطوره التاريخي اكتسب دلالة واضحة ترتبط ارتباطاً عضوياً بالتباينات الطبيقة كما صاغها غرامشي في حديثه عن المثقف العضوي, وكما صاغتها الافكار القومية التي رافقت انباء الدولة الامة في القرن التاسع عشر والقرن العشرين.إن الانكسارات التي اخترقت تاريخنا العربي الحديث وشكلت دوراً اساسياً في تأسيس الانكفاء على التراث الذي وجد في الثقافة ميداناً رحباً لتغذية اوهام الخصوصية الثقافية التي يزخر بها الخطاب السياسي والثقافي في الزمن الراهن.كما نجد استقرار التميز ضد المرأة في الثقافة العربية فقهر النساء اصبح سمة من سمات هذه الثقافة وهكذا استقر الاستبداد. ومعارضة اولي الامر هي كفر والحاد, والكلام عن الحرية, حرية الافراد, لا يستقيم في ظل الكلام عن الجماعة, اما الكلام عن الديمقراطية وحقوق الانسان فهو تجديف يعرض قائله للاقصاء والنبذ وربما القتل.ليس من الصعب التعرف الى السمات الرئيسية لثقافتنا العربية, يكفي ان ننظر من حولنا, وفي داخلنا, وداخل اسرنا وان نلاحظ نمط علاقاتنا الاجتماعية, وان ننظر في ما آلت اليه العلاقات بيننا لنرى بأن العين ان مفهوم المساواة على سبيل المثال لا مكان له في ثقافتنا العربية.المصدر:https://www.google.com/…/%25D8%25AF-%25D9%2581…/amp/
