إطلالة عبد الباسط عبد المعطي
في مساحة تنشر فيها الجمعية نصوص ذات دلالة، اخترنا مقتطفاً من دراسة بعنوان ” الثقافة الشعبية والوعي التاريخي” لعالم الاجتماع عبد الباسط عبد المعطي، الذي كان في يوم من الأيام اميناً عاماً للجمعية العربية لعلم الاجتماع:إن الثقافة الشعبية بخصائصها وإنتاجها أو إعادة هذا الإنتاج، وبما تحمله مضامينها من معلومات إجتماعية وسياسية وحضارية وإقتصادية، حول الجماعة التي أنتجتها أو تبنتها، يمكن أن تثري وعينا التاريخي عبر عدة مستويات هي:1-أنها يمكن أن توفر معلومات وبيانات تعين في دراسة التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والحضاري للمجتمع العربي، بأقطاره وشرائحه وجماعاته الاجتماعية ومجتمعاته المحلية.2-انها يمكن أن تساهم في صياغة فرضيات علمية حول الشخصية الجماعية العربية، يساعد اختبارها علمياً، خاصة ما يصدق منها، في توفير معلومات واستخلاصات ضرورية لفهم التاريخ العربي، خاصة تاريخ البشر وتفاعلاتهم من ناحية. وتقدم مادة علمية لمتخذ القرار والمنفذ، من شانها أن تفيد من ناحية أخرى، في تحديد بعض أهداف المستقبل المرغوب وما يقتضيه من اهداف مرحلية، ومطردة متجددة. فشخصية الأبطال التي حفلت بها السير والملاحم الشعبية، وما حملته من خصائص، وما أتت به من تصرفات وأفعال، وإلتفاف الناس حولها، وتفاعلهم معها، يمكن ان تؤثر في تحديد بعض صيغ الحكم والممارسة والإدارة السياسية، وصيغ وتنظيمات المشاركة الاجتماعية والسياسية.كما أن الفرضيات التي يمكن صوغها حول الحروب والمنازعات الداخلية والخارجية تفيد في حال اختبارها علمياً، في توفير رصيد علمي يسهم في تحديد الأوزان النسبية لدور العوامل الداخلية والخارجية في حركة المجتمع العربي وتطوره.3-إن الدراسات المسحية المتعمقة حول الثقافة الشعبية، وبخاصة الدراسات المقارنة على مستوى الأقطار العربية، تساعد في استخلاص بعض العناصر والخصائص المشتركة وتلك النوعية، المتعلقة بكل قطر عربي، وبخاصة ما يتعلق منها بالخبرات التاريخية وبالوجدان الشعبي. وهي استخلاصات تفيد في اختيار وتصميم المشروعات العربية المشتركة، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. المصدر: حولية كلية الإنسانيات والعلوم الاجتماعية، جامعة قطر، العدد 14، 1991، ص: 154-155.
