إطلالة أحمد زايد

في مساحة تنشر فيها الجمعية نصوص ذات دلالة، اخترنا مقتطفاً حول ” بناء الوعي” لعالم الاجتماع المصري احمد زايد وأحد أبرز وجوه الجمعية العربية لعلم الاجتماع:إذا أردنا بناء الوعى والمعرفة لدى الجيل الجديد، فينبغى الاهتمام بثلاثة أشياء، أولها: مساعدة البشر فى هذا العالم المعقد، يكون فيها نوع من الهدوء والاستقرار، لذلك فإن مشروعا مهما كمشروع «حياة كريمة» له دور أساسى فى بناء الوعي، لأن حياة كريمة تعنى هدوءا واستقرارا وسلاما، وهى أشياء من شأنها أن يلتفت الإنسان إلى بناء وتكوين الوعي، ويلتفت أكثر إلى الوطن، وإلى مشكلاته العامة، ويبدأ فى التوازن بين مصالحه الشخصية ومصالح الوطن. وهنا يأتى دور الدولة فى تنمية الوعى وتشكيله، من خلال تلك المشروعات وغيرها، مثل تكافل وكرامة وتنمية الريف، وخلق مجتمعات عمرانية جديدة، كلها عوامل تسهم فى بناء الوعي، فهى مشروعات أساسها ربط المواطن بالدولة، فكلما شعر المواطن بأن الدولة تعمل على خدمته وإنهاء مصالحه والاتجاه لتنمية المشروعات المرتبطة به، عاش حياة مستقرة وبدأ فى التفكير والانشغال بأمور الوطن وقضاياه والتفاعل معه.لتنمية هذا الوعي، مطلوب تحسين العلاقة بين الدولة والمجتمع، خاصة المؤسسات الخدمية مثل المرور ووسائل الموصلات وباقى جميع المصالح الخدمية، فإذا شعر أنه لن يعانى فى تلك المؤسسات ولن يجبر على دفع رشوة ومعاناة البيروقراطية، فقد أزحت عن كاهله عبء التفكير فى تلك المشكلات وأصبح ذهنه خاليا، فمن المهم بناء علاقات جيدة بين المواطن والمؤسسات الخدمية، فينبغى أن نخلق الموظف الخادم، فيكون همه خدمة الناس وليس استغلالهم ومعاملتهم معاملة سيئة، ولذلك فإن ما تقوم به الدولة حاليا من مشروعات رقمنة وتطوير للجهاز الإدارى وبناء عاصمة إدارية جديدة تسهم فى بناء الوعى المنشود، فهو يخلق علاقة جديدة بين المواطن وتلك المؤسسات ويزيد من الثقة، فكلما زادت الثقة زاد الوعي، وبعد ذلك تأتى الأمور التكوينية وفى مقدمتها التعليم وفكرة المواطنة، فيكون الهدف من التعليم ليس الحصول على شهادة ولكن بناء مواطن صالح لديه إحساس بالواجب الأخلاقى وإحساس بالمسئولية المجتمعية، ومن المهم أن يكون التعليم لدينا تعليما من أجل المواطنة.لتجديد الوعى ينبغى خلق بيئة جديدة، فالأمر ليس محاضرة فى جامعة أو خطبة فى جامع أو موعظة فى كنيسة، هذا لم يعد مجديا، فكان هذا الزمن زمن شعبويات، وهو قد اختفى من العالم كله. المهم الآن هو تغيير الظروف وخلق بيئة تشجع على بناء وتجديد الوعي، وتغيير السياق والإطار الذى يعيشه الشباب والأسر.مفهوم التماسك الاجتماعى مهم جدا فى المجتمع الحديث الذى يخضع لظروف العولمة، حيث إنها تخلق صراعات ثقافية داخل المجتمع، وأجندات ورؤى مختلفة وهويات متعددة، ومن هنا فإن التماسك الاجتماعى يكون ضرورة من ضرورات العيش والاستمرار، والمجتمع لا يعيش أبدا دون تماسك، وهو يتحقق من خلال الاحترام المتبادل بين البشر، والوعى بالآخر، وكذلك الثقة فى مستواه الأفقى بين الناس بعضها البعض، وفى مستواها الرأسى بين المواطنين والمؤسسات، فتكون هناك ثقة فى رجال الأمن وفى الطبيب المعالج والمدرس الذى يعلم أولادي، والثالث أن يكون لدينا ما يسمى برأس المال الاجتماعي، بأن يكون هناك نوع من المشاركة، حيث يسهم ذلك فى زيادة وتنمية الوعي، ويسهم أيضا فى التماسك الاجتماعي، فالتطوع فى المجتمع المدنى من أجل تقديم أعمال الخير ومعاونة الناس، والمشاركة فى الانتخابات والنقابات يساعد ذلك فى بناء الوعى وفى التماسك الاجتماعى.المصدر:https://gate.ahram.org.eg/daily/NewsPrint/822217.aspx

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *